هل البكاء يتعارض مع رضا العبد المؤمن بقضاء الله وقدره؟ اقرؤا الإجابة. ..

                 بسم الله الرحمن الرحيم. 

    والصلاة والسلام على حبيبنا رسول الله وآله وصحبه أجمعين. 
وبعد : 

السؤال : هل البكاء يتعارض مع الرضا بالقضاء؟ .
  
الإجابة : إن الكثير منا عند وقوع بلاء ما يخاف من الحزن والبكاء لكي لا يذهب اجر الصبر والرضا لحكم الله وقدره. 
ولكن الحزن والبكاء من المشاعر الإنسانية الفطرية فينا حيث وفي كثير من الأحيان لا نتحكم فيها أي تكون أفعال لا إرادية. 
وفي القرآن الكريم بين الله لنا ذلك في قصص أنبيائه عليهم السلام. 
وفي قصة سيدنا يعقوب عليه السلام قال تعالى : " وتولى عنهم وقال ياأسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ".
قال الإمام الشعراوي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة : وأعرض يعقوب عنهم ،فما جاءوا به هو خبر أحزنه وخلا بنفسه لأنه ببشريته تحسر على يوسف، فقد كانت قاعدة المصائب هي افتقاده يوسف .
وساعة تسمع نداءً لشيء محزن .مثل (واحزناه،واسفاه،وامصيبتاه) فهذا يعني أن النفس تضيق بالأحداث وتقول :"ياهم ،هذا أوانك فاحضر"
وقول الحق تعالى : " وابيضت عيناه ". أي أن يعقوب عليه السلام  كثرت دموعه حتى بدا الجزء الأسود في  العين وكأنه أبيض. أو ابيضت عيناه من فرط حزنه , الذي لايبثه لأحد ويكظمه.
وهو قد يكظم غيظه من كل ماحدث، أما الانفعالات فلا أحد بقادر على أن يتحكم فيها.
 وورد بكاء نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وحزنه في عدة مواقف نذكر منها ولعله أشهرها حين قال صلى الله عليه وسلم : " إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا و إنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
وهنا نجد حزن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم  وبكاءه على موت إبنه إبراهيم، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه اتبكي ؟أو لم تكن نهيت عن البكاء؟ قال صلى الله عليه وسلم : " لا ، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين :صوت عند المصيبة، خمش الوجوه، وشق جيوب ، ورنة الشيطان ". 
(شرح كلمات :الخموش هي الخدوش، الجيب هو فتحة الصدر ،الرنة هي الصيحة الحزينة. ).

ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا تسمعون، إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم"

ومن هنا نعلم أن الله تعالى هو الذي خلق العاطفة والغريزة في الإنسان. ولو أراد أن يكون الإنسان بلا بلا عاطفة ولا غريزة لفعل ما شاء . ويتضح لنا أن الله تعالى لا يريد أن يكون الإنسان شديدا قاسيا لا ينفعل مع الأحداث. ولكنه أراد العاطفة والغريزة لمهمة . وجعل لنا منهجا صحيحا نتبعه لنهذب غرائزنا و عواطفنا لكي لا تخرج عن نطاق المهمة التي جعلها الله لها.


اللهم اغفر لنا خطايانا وتجاوز عنا ،و ابعد عنا ما يحزننا 
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء بل نسألك اللطف فيه  .آمين يا رب .

وفي الاخير أرجو أن يفيدكم الموضوع ولو بالقليل وشكراً.